eCommerce WordPress Themes

كتاب “عندما أصبح المسيح إلهًا” للكاتب والمؤرخ ريتشارد روبنشتاين، بترجمة أسامة نصار ومراجعة الأستاذ الدكتور نصار عبد الله، والذي صدر عن بيت الياسمين للنشر والتوزيع، يقدم دراسة معمقة عن تطور الفكر المسيحي في فترة حرجة من التاريخ. يستعرض الكتاب كيف أن الصراع من أجل تحديد مفهوم المسيحية في الأيام الأخيرة للإمبراطورية الرومانية كان له أبعاد متعددة، تشمل تأثير رجال الدين وعلماء اللاهوت، إلى جانب دور الساسة ورجال السلطة.

في القرون الخمس الميلادية الأولى، كانت المسيحية تشهد تحولات جذرية. هذه التحولات لم تكن مدفوعة فقط بالتطورات الفكرية أو اللاهوتية، بل كانت أيضًا نتيجة لتأثير السياسة والإمبراطورية الرومانية. خلال تلك الفترة، لم يكن الصراع الديني مقتصرًا على الخلافات بين رجال الدين، بل شمل أيضًا الصراعات السياسية التي كانت تشكل وجهة النظر الرسمية للدولة. الكتاب يعرض كيف أن الصراع الديني بين القس السكندري آريوس وأثناسيوس أسقف كنيسة الإسكندرية كان له تأثير عميق على تطور العقيدة المسيحية، وكيف أن الإمبراطورية الرومانية لعبت دورًا محوريًا في هذا الصراع.

آريوس، الذي كان يمثل تيارًا دينيًا يؤكد على الطبيعة البشرية للمسيح، كان يتحدى الفكر السائد الذي يؤكد على ألوهية المسيح. من جهة أخرى، كان أثناسيوس يدافع عن الألوهية المطلقة للمسيح، مستندًا إلى فهمه للتعاليم المسيحية التقليدية. هذا الصراع بين المذهبين لم يكن مجرد خلاف ديني، بل كان له أبعاد سياسية واجتماعية أيضًا. الإمبراطورية الرومانية، التي كانت تعاني من اضطرابات داخلية وخارجية، رأت في هذا الصراع فرصة لتعزيز سلطتها من خلال دعم أحد المذاهب على حساب الآخر.

كتاب “عندما أصبح المسيح إلهًا” يسلط الضوء على كيف أن السلطة السياسية في الإمبراطورية الرومانية دعمت بعض الآراء والمذاهب، مما ساهم في تشكيل العقيدة المسيحية. الانحياز السياسي لمذهب معين يعني تعزيز مكانته وتقديمه كالعقيدة الرسمية للدولة، مما أثر بشكل كبير على تطور الفكر المسيحي. الإمبراطور قسطنطين، على سبيل المثال، كان له دور حاسم في دعم المذهب الأرثوذكسي الذي يؤكد على ألوهية المسيح، مما ساهم في تعزيز هذا المذهب وجعله المذهب الرسمي للإمبراطورية.

يتناول الكتاب أيضًا تأثير هذا الصراع على تطور اللاهوت المسيحي. يظهر كيف أن الدعم السياسي لمذهب معين ساهم في نشره وتعزيزه، بينما تم تهميش أو حتى قمع المذاهب الأخرى. هذا التأثير السياسي لم يكن مجرد قضية دينية، بل كان له تداعيات واسعة على المجتمع المسيحي بأسره. الكتاب يبرز كيف أن الدين والسلطة السياسية كانا مرتبطين بشكل وثيق، وكيف أن هذه العلاقة ساهمت في تشكيل العقائد المسيحية وتطويرها.

من خلال استعراض الأحداث والجدل الديني الذي شهدته تلك الفترة، يقدم الكتاب رؤية شاملة حول كيف أن الصراع من أجل تحديد مفهوم المسيحية كان له أبعاد متعددة. يتناول الكتاب كيف أن السلطة السياسية لعبت دورًا رئيسيًا في تشكيل العقيدة المسيحية، وكيف أن هذا التأثير كان له تداعيات بعيدة المدى على الفكر الديني وتطور اللاهوت.

“عندما أصبح المسيح إلهًا” هو دراسة شاملة ومفصلة تكشف عن العلاقة المعقدة بين الدين والسلطة، وتقدم رؤية عميقة حول كيفية تأثير السياسة على تطور العقائد المسيحية. الكتاب لا يقدم فقط سردًا تاريخيًا، بل يعرض أيضًا تحليلاً دقيقًا للتأثيرات السياسية والدينية التي شكلت الفكر المسيحي في تلك الفترة. من خلال استعراض هذا الصراع التاريخي، يقدم الكتاب فهمًا أعمق لكيفية تطور الدين والعقائد تحت تأثير السلطة السياسية، ويكشف عن الدور الحيوي الذي لعبته الإمبراطورية الرومانية في تشكيل المسيحية كما نعرفها اليوم.

الوزن230 كيلوجرام
الأبعاد21 × 14 سنتيميتر

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يكتب مراجعة “عندما أصبح المسيح إلهًا”

Your email address will not be published. Required fields are marked